أفعى الصنوبر
تعرف هذه بأفعى الصنوبر، وهي تسكن في المناطق الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية. هناك أربعة أنواع من ثعابين الصنوبر في أمريكا، لدينا أولا أفعى الصنوبر الشمالية التي معنا اليوم، وهناك أفعى فلوريدا، وأفعى الصنوبر السوداء، وأخيرا أفعى لويزيانا، تنتشر جميعها في المناطق الشرقية للولايات المتحدة.
ينتمي لهذه العائلة قريبتان تسكنان في أمريكا، منها الأفعى الكروية التي تسكن في المناطق الوسطى لأمريكا، وأفعى الغوفر التي تسكن في المناطق الغربية من الولايات المتحدة. تعتبر ثعابين الصنوبر جميعها من الأفاعي العاصرة القوية، نعلم بأن العاصرة تعني تلك الأفاعي التي تمسك بحيوان ما وتلف جسمها حوله وتعصره حتى يعجز عن التنفس. تعتبر العاصرة الصغيرة أيضا بالغة القوة. إلى جانب كونها من الأفاعي العاصرة القوية تتميز الصنوبرية بحجمها الكبير جدا، أي أنها عندما تصبح في قمة نضوجها تكتسب المزيد من القوة والحجم، حتى أن طولها قد يتعدى الأربع أو خمس أقدام ليصل أحيانا إلى سبعة أقدام ونصف، ما يجعل منها ثعبان كبير.
إذا تأملنا برأسها مليا، قد تقول بتعجب، أنه يبدو صغيرا إذا أخذنا بعين الاعتبار الحجم الكبير نسبيا الذي يبلغه جسمها، وهذه حقيقة لأن رأسها يعتبر صغيرا بالمقارنة مع حجم جسمها. الأمر الذي يجعل رأسها يبدو صغيرا هو أنفها فهو مدبب في مقدمته، وهنا قد يتساءل البعض طالما أن رأسها مدبب من الأمام لا بد أن هذه الأفعى تتمتع بقدرة عالية على الحفر. إن كان هذا ما تفكر به فأنت على حق لأن الصنوبرية تمضي الكثير من وقتها في الحفر والزحف تحت الأرض، فهي بارعة في ذلك. أين يمكن أن نعثر على الأفعى الصنوبرية؟ من المحتمل أن يبادر بعضكم في القول أنها تكثر فوق أغصان شجر الصنوبر وفي غاباتها. وهذا صحيح جزئيا، إذ أنها كثيرا ما تعشش بين أشجار الصنوبر وحولها، وقد تجدها في المناطق الرملية الجرداء التي ليس فيها إلا بضع شجرات من الصنوبر مثلا، وقد تجدها في غابات الصنوبر الكثيفة كما وفي أعالي وسفوح الجبال. ولكن يجب أن تعلم بأن هذه الأفعى لا يمكن أن تتسلق أشجار الصنوبر أبدا، ذلك أنها لا تتقن تسلق الأشجار بل تمضي أغلب وقتها على الأرض، وفي جحور تحفرها تحت الأرض، وتحيط نفسها بسرية مطلقة، إذ يمكن أن يعيش بعضها بالقرب من أماكن السكن، دون أن نتنبه لوجودها أو رؤيتها أبدا، لأنها بارعة في الاختباء والتمويه.
تعيش الصنوبرية على أشكال متنوعة جدا من الأطعمة، فمن المحتمل أن تجد بعضها يعيش على الجرذان والفئران، بينما يأكل البعض الآخر أرانب وعصافير وبيض الطيور أيضا، أي أنها تأكل أنواع مختلفة من الحيوانات.
كثير من الثعابين التي تأكل الطيور، تحب البيض أيضا، وعادة ما إذا كانت تأكل البيض، فهي تقوم أولا بابتلاع البيضة كاملة، لأن الثعابين لا تستطيع قضم أطعمتها على مراحل لهذا عليها أن تبتلع البيضة بكاملها، وعندما تدخل البيضة إلى أمعاء الثعبان تبقى هناك لبضعة أيام، خلال هذه الفترة يتحلل قشر البيضة في أمعائها، التي تتمكن بعد ذلك من هضم البيض التي تحت القشرة، والثعابين لا تكتفي بتناول بيضة واحدة بل عدد منها، ما يعني أنها ستجلس لثلاثة أو أربعة أيام وبطنها محشو بالبيض، وهذا أمر لا يناسبها، لأن أمعاء الحية المحشوة لا تساعدها على الاختفاء جيدا، وتمنعها من القتال كما يجب لأنها أصبحت كبيرة وبالتالي لن تتمكن من الهروب من أعدائها لأنها تفقد القدرة على الزحف بسرعة إذا كانت أحشاؤها تعج بالبيض. أي أن هذه فترة خطيرة لغالبية الثعابين، أما الصنوبرية فحالها يختلف نسبيا، لنرى ما يفعله. لنفترض أولا أنها من الصنوبريات اللواتي تبلغن خمسة أقدام على الأقل، أول ما تفعله هو ابتلاع البيضة كما تفعل باقي الثعابين، ولكنها بعد أن تنزل مسافة لا تتعدى تسعة إنشات من حلقها تتوقف تماما، عندها يقلص جسمه إلى أبعد حدود كما يفعل تحت الأرض، ثم يشد عضلاته بكل ما لديه من قوة، ليحطم البيضة وهي في عنقه، فتتكسر القشرة وتتحول إلى أجزاء صغيرة جدا. والآن ماذا تفعل الصنوبرية بقشر البيضة التي تتحطم؟ كلا لا يمكن تقيؤها والتخلص منها أبدا بل تبتلعها كليا، لتسير مع زلال البيضة الذي كان داخل القشرة، ما يسمح لها بهضم البيضة مباشرة، دون حاجتها لمرور ثلاثة أيام على البيضة في أمعائها وما شابه ذلك، دون أن تجلس وهي معرضة للخطر لأنها لا تستطيع الحركة والقتال لأنها محشوة بالبيض، وهذه عملية مفيدة جدا للصنوبرية.هناك أنواع من الصنوبرية التي تأكل ستة بيضات دجاج على وجبة واحدة، إنها كمية كبيرة، وخصوصا بالنسبة لمجرد ثعبان على وجبة واحدة.
إلى جانب سكن الصنوبرية في غابات الصنوبر والأماكن المذكورة الأخرى، ولكنها أحيانا ما تسكن في المزارع، وإذا كانت في حقول المزرعة، تلهو بالتهام الجرذ والفئران والأرانب البرية لهذا يعشق المزارعين أفعى الصنوبرية، أما إذا كانت الأفعى تفضل بيض الدجاج وصغارها، سيمقتها المزارع جدا، أي أنه سيعاملها حسب ما تقوم به من أعمال في مزرعته.
تتمتع هذه الأفعى بطريقة مميزة جدا في التخلص من أعدائها، فإذا تعرضت لاعتداء ما وهذا ما لا يحدث كثيرا على اعتبار أنها تتصرف بسرية مطلقة وهي تجيد الاختباء وتتمتع بألوان تساعدها على التمويه. ولكن إذا عثر عليها حيوان ما وهو يصر على أكلها وهي لا تستطيع الإفلات منه، حينها تجبر أولا على السعي لإخافة عدوها وإرهابه، عندما تفعل ذلك تلجأ إلى طريقة لا يعتمدها الكثير من الثعابين، فهي تنتصب وتصدر صوت نافثا عاليا، كما أنها تفتح فمها وتهاجم عدوها مرة بعد أخرى، ثم ترفع ذيله وتهزه عدة مرات وكأنها تهدد به، فيصدر عنه صوت ذبذبات تزيت من شكله وأصواته رهبة. أي أنها تستطيع إخافة الكثير من الحيوانات، ولكن إن لم تفلح في ذلك، تلسع عدوها. يجب أن نتذكر هنا أن طولها يزيد عن سبعة أقدام، أي أنها تعض بقوة معتمدة على أسنانها الكبيرة لتجرح عدوها بعمق إذا نالت منه.
=-=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على سحلية تسكن في وسط وجنوب القارة الأمريكية، كلا إنها ليست حرباء، وليست من الورل أيضا، حتى أنه ليس إغوانا، بل يسمونه تيغو، الذي يوجد نوعين أساسيين منه، فهناك التيغو الأبيض والأسود، وهناك الذهبي أيضا، أما الذي معنا اليوم فهو التيغو الذهبي الذي يمكن أن ترون سبب تسميته، فهو يتميز باللون الذهبي اللامع في أنحاء جسمه ما يجعله جميل جدا.
ينتمي التيغو إلى المناخ الاستوائي أي أنه يحب الحرارة المرتفعة والدافئة أكثر من غالبية السحالي الأخرى. يمكن اعتبار هذه السحلية من ذوي الحركة في النهار أي أنه يسكن في الليل. كما أنه من كبار السحالي لأن طوله قد يصل إلى أربعة أقدام. ولا شك أن السواء الأعظم من جسمه يتألف من ذيل بالطبع، علما أن وزنه عادة ما يكون ثقيلا ويتميز بالسمنة أيضا، وعندما يتقدم في السن يصبح رأسه كبيرا كما تقوى فكيه وتتصلب كثيرا، أي أن عضته حينها تصبح قاسية جدا.
قلت أنه يحب الحرارة والدفء، بل يفضل أن ترتفع لتبلغ خمس وثمانين درجة، أو اثنين تسعين على مقياس فرنهايت. أي أنها حرارة عالية. غالبية الزواحف تحب الحرارة باثنين وثمانين درجة، أما حين تبلغ أكثر من اثنين وتسعين، كثيرا ما تتعرض للموت، أي أن غالبية الزواحف لا تستطيع العيش في الأماكن التي يسمكنها التيغو. ولكن هل تعلم أنه يواجه مشاكل عصيبة حين يبرد المناخ، ولكن عند هبوط الحرارة، لا يتعرض للمرض، ولا لالتهاب الرئتين أو غيرها، بل يموت على الفور. فعلا فهو إن كان اليوم بخير، ومرت ليلة باردة ستجده في اليوم التالي ميتا. أي أنه لا يحتمل البرد والمناخ البارد، مع أنه متأقلم جدا على ظروف المناخ الحار والرطوبة العالية التي تميز أماكن عيشه.
يأكل التيغو أنواعا متعددة من الحيوانات غذاء له، فهو لا يتغذى مثل الغوانا على الخضار والفاكهة والورود وغيرها من النباتات، بل هو من آكلات اللحوم. كما يأكل الحيوانات الميتة التي يجدها متعفنة في الغابات، فهو يعتبرها شهية جدا، وما يمكن أن نجد نحن بأن رائحة كريهة تفوح منه، يعتبر التيغو بأنه لذيذ وشهي جدا، أي أنه يحب طعم الجيف.
ولكنه في الوقت نفسه صياد ماهر، وعادة ما يصطاد الجرذ والفئران والثعابين والسحالي أيضا، وقد يأكل بيض السلاحف وبيض التماسيح أيضا، ولا يتردد بأكل صغار التماسيح، وخصوصا منها تلك التي تنتشر في أنحاء جنوب أمريكا، علما أنها حيوانات مفترسة شريرة يصل طولها إلى ثمانية أقدام، وهي تشتهر بعدوانيتها، رغم ذلك فإن التيغو يتغذى على صغارها حين يصبح كبيرا.
والآن كيف تتخيل أنه يدافع عن نفسه حيال الأعداء؟ حسنا أول ما يحاول القيام به هو الهرب، وذلك بالسعي إلى الفرار، نذكر هنا أنه من الحيوانات السريعة جدا، فهو يستطيع الابتعاد عن المكان بسرعة كبيرة، وهذه طريقة مناسبة للفرار من أعدائه، ولكن بعض أعدائه سريعون جدا، بلا شك، كما أنه بارع في التسلق يمكن أن ترى المخالب التي في نهاية أصابعه، إنها تساعده على تسلق أعالي الشجر، التي ينجو من أعدائه عندما يبلغ قمتها. كما يتبع أسلوبا آخر وهو القفز في النهر والسباحة هناك، أي أنه سباح ماهر، ولكن، الخوض في الأنهر مسألة خطيرة في أمريكا الوسطى والجنوبية، لأنه بذلك سيوقع نفسه في المشاكل، فهناك حيوانات في الأنهر تحب أن تحصل على سحلية كبيرة كوجبة غداء، ومن بين هذه الحيوانات نجد الإناكاندا، وهي من أكبر وأضخم الثعابين في العالم، يمكن أن يبلغ طولها حوالي ثلاثين قدم، ليصل وزنها إلى ثلاثمائة رطل، أي أنها حية هائلة، تمضي غالبية وقتها في الماء لأن الماء تساعد على التخفيف من الوزن، وإذا رأت سحلية كهذا التيغو في الماء، ستستمتع بالتهامه جدا، لأن الإناكاندا تحب التهام السحالي مثل التيغو. الحيوان الآخر الذي يستمتع بأكله هو التمساح الراشد، الذي يسكن في أمريكا الجنوبية، تذكر بأن هذه السحلية تأكل صغاره وتأكل بيضه، ولكن التمساح يأكله، أي أنه سحب مطاردته في الماء ليلتهمه كاملا.
هناك حيوان آخر يمكن أن يلتهمه في الماء وهو يسمى البورانا، وهي نوع من الأسماك التي تأكل كل أنواع الحيوانات التي تجدها في الماء، وهي تعيش معا كرفوف كاملة قلما تفترق، عندما تمسك أحدها بالتيغو تتدافع جميعها لأكله بسرعة هائلة. حتى أنه إذا سقطت بقرة في النهر يوما وعلقت وسط رف من البورانا يمكن أن يلتهمونها كاملة خلال أقل من ربع ساعة، فكم تعتقد أنها تستغرق في التهام هذا التيغو؟ حوالي خمسة عشر ثانية، لا أكثر، يمكن أن تراه الآن يسبح وبعد ثوان لا ترى منه إلى الهيكل العظمي، حتى أنه قد لا يتنبه إلى ما حدث له، أي أنه من الخطورة أن يقفز في النهر ويحاول الهرب، وقد لا تكون هذه أفضل فكرة.
ولكن إذا عجز عن العدو وعجز عن تسلق الأشجار ولم تتسنى له السباحة في النهر هربا من عدوه، أتعرف ما قد يفعله حينها؟ يلجأ للقتال، وهو معروف بالقسوة والعناد، ترى بأن ذيله طويل جدا يستخدمه كالسوط، يجلد فيه عدوه فيقتله أو يؤذيه أو يوقعه أرضا، لأنه سلاح خطير جدا، كما نعلم بأن لديه مخالب طويلة وحادة يستخدمها في التسلق، كما يمكن أن يستعملها لخدش عدوه وجرحه ومقاتلته، أي أن مخالبه خطيرة جدا، علما أن سلاحه الأشد خطورة، هما فكيه، حتى هذه السحلية الصغيرة بعد تتمتع بفم كبير، وهي عندما تكبر يصبح فمها ضخما، ويصبح الفكان قويان جدا، يمكن أن يحطما العظام حين يقفلان، والحقيقة أنه حين يمسك بحيوان ليأكله، عادة ما يعضه من رأسه فيحطم جمجمته، أي أن فكيه قويان جدا حين يحطم بهما الجمجمة، ما يعني أن التيغو يدافع عن نفسه ببراعة.
لنفترض أنك ذهبت يوما إلى أمريكا الوسطى أو الجنوبية أو إذا سكنت هناك، والتقيت صدفة بالتيغو، دعه يفر، إياك أن تصر على الإمساك به، لأنه قد يجرحك بأظافره ويضربك بذيله ويعضك بفكيه. وهو لا يتمتع بأنياب أو سم أي أنه لن يؤدي إلى قتلك بهذه الأشياء، ولكن مخالبه وذيله وفكيه ستصيبك بجروح تتمنى بعدها الموت من شدة الألم، لهذا يجب أن تتركه وشأنه.
=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على حية غريبة الشكل جدا، ذات رقعة الأنف، قد يعتقد البعض أنه اسم غريب وأنا أؤكد على ذلك بلا شك، ولكن إذا تأملت بملامحها يمكن أن تفهم السبب في ذلك، إذ يبدو وكأن هناك رقعة كبيرة تلتصق عند نهاية أنفه، وهي ليست ثقبا، بل رقعة ظاهرة بوضوح تام تكبر أنفه بكثير، لهذا فهي رقعة غريبة وفي موقع غريب وسط ملامح وجهه. كما يمكن أن تلاحظ بأن وجهه يبدو قصير نسبيا، وكأنها صورة له بعد أن قطع مليون ميل في الساعة، واصطدم بجدار قلص حجم وجهه، هذا ما يبدو عليه ولكن هذا لم يحدث طبعا، كل ما في الأمر أن ملامحه قصيرة هكذا وهناك رقعة فوق أنفه.
يعيش هذا الثعبان في ولايات تمتد بين كليفورنيا وتكساس، كما ينتشر أيضا في أرجاء مكسيكو، لا شك أنه ذو الأنف من الثعابين النحيلة وليس الكبيرة والسمينة، كما أنها ليست طويلة أيضا، فقد لا يتعدى طولها أكثر من ثلاثة أقدام، حتى أن الكبيرة منها لا يمكن أن تصل إلى أربعة أقدام، أي أنها ليست من الثعابين الكبيرة.
بقعة الأنف من الثعابين النهارية التي تتحرك في النهار فقط، أما البقعة التي فوق أنفها فتوحي بأنها بارعة جدا في الحفر، فهي تحفر الكثير من الجحور تحت الأرض. أثناء قيامها بأعمال الحفر تحت الأرض، تعثر على الحيوانات التي تصبح غذاء لها، وهي حيوانات صغيرة مثل الفئران والسحالي والأفاعي وبيض الأفاعي، وأشياء أخرى مشابه. قد يتساءل البعض هنا كيف لهذه الثعابين أن تأكل؟ حسنا نعلم أنها ليست من الثعابين السامة أي أنها لا تحتاج إلى الأنياب والسم لقتل الفريسة كي تأكلها، كما أنها ليست من الثعابين العاصرة، فلا تلف جسمها حول حيوان وتعصره حتى يعجز عن التنفس، فكيف لها أن تنال من الحيوان لتأكله إذا؟ إنها لا تفعل ذلك، عندما تقبض على حيوان وتريده أن يكون وجبة لها، تمسكه بفمها وتبتلعه حيا.
قد تعلم بأنه لا يوجد الكثير من الحيوانات الراغبة بأن تبتلع وهي حية. أي أنه لا بد من العراك، وإذا كان الحيوان أكبر بقليل من هذا الثعبان، عليه أن يتمتع بقوة وصلابة لاحتمال العراك، فإذا تحدثنها عن فأر أو سحلية، عليها أن تقاتل بعنف كي تتمكن من ابتلاعها وهي حية، وهكذا فهي تمسك الحيوان بفمها، وتقبض عليه جيدا، وتترك هذا الحيوان يقاتل ويبذل جهدا للتخلص منها، كما أنه يلقي بجسمه فوق جسم الفريسة، دون أن يعصرها، ما يثقل كاهلها ويضعف قدرتها على المقاومة ما يؤدي إلى استسلامها بسرعة أكبر، وعندما يضعف الحيوان ويستسلم، تقوم الأفعى بابتلاعه حيا. أي أن ذو بقعة الأنف يحصل على فريسته بطريقة مختلفة عن الكثير من الثعابين الأخرى.
يسكن هذا الثعبان في ظروف متنوعة جدا، إذ يمكن العثور عليه في مناطق صخرية ورملية وصحراوية، كما يمكن أن تجده في سهول الأعشاب، وحتى عند السفوح أو في قمم الجبال أيضا، والحقيقة أنه ينتشر أيضا في الجبال وعلى ارتفاع أربعة آلاف قدم، وهي قمم شاهقة. أي أنه يسكن في مناطق متنوعة جدا. الأماكن الوحيدة التي لن تعثر عليه فيها هي تلك التي تكثر فيها المياه، لا يمكن أن تجده في المستنقعات والبحيرات وما شابه ذلك أبدا، بل تعثر عليها في الجحور الجافة والمتعفنة.
ما الذي يفعله هذا الثعبان إذا تعرض لهجوم معادي؟ يجب أن نذكر أولا بأن العثور عليه ليس أمرا سهلا على اعتبار أنه يمضي الوقت في حفر الثقوب والجحور، إذا أنه لا يوجد هناك الكثير من الحيوانات التي تستطيع أن تأكله هناك. ولكن إذا اعترضه حيوان ما عادة ما يلجأ إلى الفرار، وهو ثعبان سريع جدا، حتى يقال أنه أسرع من المتسابق، ربما سمعت بالثعبان المتسابق الأسود أو الأزرق، ولا شك أن اسمه يوحي بأنه ثعبان سريع الحركة، وهذا هو حال ذو رقعة الأنف. والحقيقة أنه ليس سريعا في العدو باتجاه واحد، لنفترض أنك تركض بخط مواز له على خط مستقيم لا بد أنك ستسبقه بمسافة طويلة، ولكن من عادة هذا الثعبان أن يناور كثيرا وينعطف من زاوية إلى أخرى ومن الميمنة إلى الميسرة وهو يفعل ذلك بأسرع ما يمكن، حين يفعل ذلك، لا يمكن أن تنال منه، وإذا حاولت القبض عليه، وتمكنت من وضع يدك فوقه، سيميل وينعطف وينحرف جيئة وذهاب، لتقع أنت في الحفر وتصطدم بالصخور، لن تجد سبيلا للإمساك به أبدا.
ينطبق هذا على غالبية الحيوانات، التي لا تجد فرصة للنيل منه عندما تحاول القبض عليه، ما أن ينعطف يسارا حتى يتبعه الحيوان فيعود\ إلى اليمين. أي أنها ليست مسألة سرعة فحسب بل ترافق السرعة مع الخفة، ما يساعده على الانحراف بكفاءة عالية. أي أنه عادة ما يفلت من أ‘دائه بالاعتماد على سرعته وخفته ولكن أحيانا ما يحشر في زاوية لا يستطيع الهرب منها، حين يحصل ذلك، ماذا يفعل برأيك؟ طبعا يقاتل، فهو ثعبان لا يعرف الاستسلام، فإذا تعرض لعدوان سيقاتل وينفث بوجه عدوه ويحرك ذيله ويذبذب ويلسع عده ويفعل كل ما بوسعه لإخافة عدوه، فيلسع مرة بعد أخرى، لا شك أنه صغير الحجم وأن فمه ليس كبيرا كما هو حال أسنانه ما يعني أنه لن يسبب الأذى بعدوه طبعا، ولكنه يلجأ لعمل آخر عندما يمسك به العدو، لنفترض أنه أمسكه بفمه، أو أن شخصا أمسكه من الوسط كما أفعل الآن هنا عادة ما يلجأ إلى حركة لولبية كالمروحة، وما يفعله بذلك وهو بذلك يحاول أن يخلص نفسه من يدك أو من فم الحيوان الذي يقبض به، وإذا تمكن من الإفلات في تلك اللحظة يسقط على الأرض ويختفي عن الأعين. أعتقد أن أحدا سيتمكن من القبض على هذا الثعبان إذا سقط من يده.
أي أن لهذا الحيوان طرق غريبة جدا للتخلص من أعدائه، يشمل ذلك المناورة والخفة والسرعة في الحركة ما يجعل من الصعب جدا الإمساك به، وبالتالي القبض عليه أيضا.
تعرف هذه بأفعى الصنوبر، وهي تسكن في المناطق الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية. هناك أربعة أنواع من ثعابين الصنوبر في أمريكا، لدينا أولا أفعى الصنوبر الشمالية التي معنا اليوم، وهناك أفعى فلوريدا، وأفعى الصنوبر السوداء، وأخيرا أفعى لويزيانا، تنتشر جميعها في المناطق الشرقية للولايات المتحدة.
ينتمي لهذه العائلة قريبتان تسكنان في أمريكا، منها الأفعى الكروية التي تسكن في المناطق الوسطى لأمريكا، وأفعى الغوفر التي تسكن في المناطق الغربية من الولايات المتحدة. تعتبر ثعابين الصنوبر جميعها من الأفاعي العاصرة القوية، نعلم بأن العاصرة تعني تلك الأفاعي التي تمسك بحيوان ما وتلف جسمها حوله وتعصره حتى يعجز عن التنفس. تعتبر العاصرة الصغيرة أيضا بالغة القوة. إلى جانب كونها من الأفاعي العاصرة القوية تتميز الصنوبرية بحجمها الكبير جدا، أي أنها عندما تصبح في قمة نضوجها تكتسب المزيد من القوة والحجم، حتى أن طولها قد يتعدى الأربع أو خمس أقدام ليصل أحيانا إلى سبعة أقدام ونصف، ما يجعل منها ثعبان كبير.
إذا تأملنا برأسها مليا، قد تقول بتعجب، أنه يبدو صغيرا إذا أخذنا بعين الاعتبار الحجم الكبير نسبيا الذي يبلغه جسمها، وهذه حقيقة لأن رأسها يعتبر صغيرا بالمقارنة مع حجم جسمها. الأمر الذي يجعل رأسها يبدو صغيرا هو أنفها فهو مدبب في مقدمته، وهنا قد يتساءل البعض طالما أن رأسها مدبب من الأمام لا بد أن هذه الأفعى تتمتع بقدرة عالية على الحفر. إن كان هذا ما تفكر به فأنت على حق لأن الصنوبرية تمضي الكثير من وقتها في الحفر والزحف تحت الأرض، فهي بارعة في ذلك. أين يمكن أن نعثر على الأفعى الصنوبرية؟ من المحتمل أن يبادر بعضكم في القول أنها تكثر فوق أغصان شجر الصنوبر وفي غاباتها. وهذا صحيح جزئيا، إذ أنها كثيرا ما تعشش بين أشجار الصنوبر وحولها، وقد تجدها في المناطق الرملية الجرداء التي ليس فيها إلا بضع شجرات من الصنوبر مثلا، وقد تجدها في غابات الصنوبر الكثيفة كما وفي أعالي وسفوح الجبال. ولكن يجب أن تعلم بأن هذه الأفعى لا يمكن أن تتسلق أشجار الصنوبر أبدا، ذلك أنها لا تتقن تسلق الأشجار بل تمضي أغلب وقتها على الأرض، وفي جحور تحفرها تحت الأرض، وتحيط نفسها بسرية مطلقة، إذ يمكن أن يعيش بعضها بالقرب من أماكن السكن، دون أن نتنبه لوجودها أو رؤيتها أبدا، لأنها بارعة في الاختباء والتمويه.
تعيش الصنوبرية على أشكال متنوعة جدا من الأطعمة، فمن المحتمل أن تجد بعضها يعيش على الجرذان والفئران، بينما يأكل البعض الآخر أرانب وعصافير وبيض الطيور أيضا، أي أنها تأكل أنواع مختلفة من الحيوانات.
كثير من الثعابين التي تأكل الطيور، تحب البيض أيضا، وعادة ما إذا كانت تأكل البيض، فهي تقوم أولا بابتلاع البيضة كاملة، لأن الثعابين لا تستطيع قضم أطعمتها على مراحل لهذا عليها أن تبتلع البيضة بكاملها، وعندما تدخل البيضة إلى أمعاء الثعبان تبقى هناك لبضعة أيام، خلال هذه الفترة يتحلل قشر البيضة في أمعائها، التي تتمكن بعد ذلك من هضم البيض التي تحت القشرة، والثعابين لا تكتفي بتناول بيضة واحدة بل عدد منها، ما يعني أنها ستجلس لثلاثة أو أربعة أيام وبطنها محشو بالبيض، وهذا أمر لا يناسبها، لأن أمعاء الحية المحشوة لا تساعدها على الاختفاء جيدا، وتمنعها من القتال كما يجب لأنها أصبحت كبيرة وبالتالي لن تتمكن من الهروب من أعدائها لأنها تفقد القدرة على الزحف بسرعة إذا كانت أحشاؤها تعج بالبيض. أي أن هذه فترة خطيرة لغالبية الثعابين، أما الصنوبرية فحالها يختلف نسبيا، لنرى ما يفعله. لنفترض أولا أنها من الصنوبريات اللواتي تبلغن خمسة أقدام على الأقل، أول ما تفعله هو ابتلاع البيضة كما تفعل باقي الثعابين، ولكنها بعد أن تنزل مسافة لا تتعدى تسعة إنشات من حلقها تتوقف تماما، عندها يقلص جسمه إلى أبعد حدود كما يفعل تحت الأرض، ثم يشد عضلاته بكل ما لديه من قوة، ليحطم البيضة وهي في عنقه، فتتكسر القشرة وتتحول إلى أجزاء صغيرة جدا. والآن ماذا تفعل الصنوبرية بقشر البيضة التي تتحطم؟ كلا لا يمكن تقيؤها والتخلص منها أبدا بل تبتلعها كليا، لتسير مع زلال البيضة الذي كان داخل القشرة، ما يسمح لها بهضم البيضة مباشرة، دون حاجتها لمرور ثلاثة أيام على البيضة في أمعائها وما شابه ذلك، دون أن تجلس وهي معرضة للخطر لأنها لا تستطيع الحركة والقتال لأنها محشوة بالبيض، وهذه عملية مفيدة جدا للصنوبرية.هناك أنواع من الصنوبرية التي تأكل ستة بيضات دجاج على وجبة واحدة، إنها كمية كبيرة، وخصوصا بالنسبة لمجرد ثعبان على وجبة واحدة.
إلى جانب سكن الصنوبرية في غابات الصنوبر والأماكن المذكورة الأخرى، ولكنها أحيانا ما تسكن في المزارع، وإذا كانت في حقول المزرعة، تلهو بالتهام الجرذ والفئران والأرانب البرية لهذا يعشق المزارعين أفعى الصنوبرية، أما إذا كانت الأفعى تفضل بيض الدجاج وصغارها، سيمقتها المزارع جدا، أي أنه سيعاملها حسب ما تقوم به من أعمال في مزرعته.
تتمتع هذه الأفعى بطريقة مميزة جدا في التخلص من أعدائها، فإذا تعرضت لاعتداء ما وهذا ما لا يحدث كثيرا على اعتبار أنها تتصرف بسرية مطلقة وهي تجيد الاختباء وتتمتع بألوان تساعدها على التمويه. ولكن إذا عثر عليها حيوان ما وهو يصر على أكلها وهي لا تستطيع الإفلات منه، حينها تجبر أولا على السعي لإخافة عدوها وإرهابه، عندما تفعل ذلك تلجأ إلى طريقة لا يعتمدها الكثير من الثعابين، فهي تنتصب وتصدر صوت نافثا عاليا، كما أنها تفتح فمها وتهاجم عدوها مرة بعد أخرى، ثم ترفع ذيله وتهزه عدة مرات وكأنها تهدد به، فيصدر عنه صوت ذبذبات تزيت من شكله وأصواته رهبة. أي أنها تستطيع إخافة الكثير من الحيوانات، ولكن إن لم تفلح في ذلك، تلسع عدوها. يجب أن نتذكر هنا أن طولها يزيد عن سبعة أقدام، أي أنها تعض بقوة معتمدة على أسنانها الكبيرة لتجرح عدوها بعمق إذا نالت منه.
=-=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على سحلية تسكن في وسط وجنوب القارة الأمريكية، كلا إنها ليست حرباء، وليست من الورل أيضا، حتى أنه ليس إغوانا، بل يسمونه تيغو، الذي يوجد نوعين أساسيين منه، فهناك التيغو الأبيض والأسود، وهناك الذهبي أيضا، أما الذي معنا اليوم فهو التيغو الذهبي الذي يمكن أن ترون سبب تسميته، فهو يتميز باللون الذهبي اللامع في أنحاء جسمه ما يجعله جميل جدا.
ينتمي التيغو إلى المناخ الاستوائي أي أنه يحب الحرارة المرتفعة والدافئة أكثر من غالبية السحالي الأخرى. يمكن اعتبار هذه السحلية من ذوي الحركة في النهار أي أنه يسكن في الليل. كما أنه من كبار السحالي لأن طوله قد يصل إلى أربعة أقدام. ولا شك أن السواء الأعظم من جسمه يتألف من ذيل بالطبع، علما أن وزنه عادة ما يكون ثقيلا ويتميز بالسمنة أيضا، وعندما يتقدم في السن يصبح رأسه كبيرا كما تقوى فكيه وتتصلب كثيرا، أي أن عضته حينها تصبح قاسية جدا.
قلت أنه يحب الحرارة والدفء، بل يفضل أن ترتفع لتبلغ خمس وثمانين درجة، أو اثنين تسعين على مقياس فرنهايت. أي أنها حرارة عالية. غالبية الزواحف تحب الحرارة باثنين وثمانين درجة، أما حين تبلغ أكثر من اثنين وتسعين، كثيرا ما تتعرض للموت، أي أن غالبية الزواحف لا تستطيع العيش في الأماكن التي يسمكنها التيغو. ولكن هل تعلم أنه يواجه مشاكل عصيبة حين يبرد المناخ، ولكن عند هبوط الحرارة، لا يتعرض للمرض، ولا لالتهاب الرئتين أو غيرها، بل يموت على الفور. فعلا فهو إن كان اليوم بخير، ومرت ليلة باردة ستجده في اليوم التالي ميتا. أي أنه لا يحتمل البرد والمناخ البارد، مع أنه متأقلم جدا على ظروف المناخ الحار والرطوبة العالية التي تميز أماكن عيشه.
يأكل التيغو أنواعا متعددة من الحيوانات غذاء له، فهو لا يتغذى مثل الغوانا على الخضار والفاكهة والورود وغيرها من النباتات، بل هو من آكلات اللحوم. كما يأكل الحيوانات الميتة التي يجدها متعفنة في الغابات، فهو يعتبرها شهية جدا، وما يمكن أن نجد نحن بأن رائحة كريهة تفوح منه، يعتبر التيغو بأنه لذيذ وشهي جدا، أي أنه يحب طعم الجيف.
ولكنه في الوقت نفسه صياد ماهر، وعادة ما يصطاد الجرذ والفئران والثعابين والسحالي أيضا، وقد يأكل بيض السلاحف وبيض التماسيح أيضا، ولا يتردد بأكل صغار التماسيح، وخصوصا منها تلك التي تنتشر في أنحاء جنوب أمريكا، علما أنها حيوانات مفترسة شريرة يصل طولها إلى ثمانية أقدام، وهي تشتهر بعدوانيتها، رغم ذلك فإن التيغو يتغذى على صغارها حين يصبح كبيرا.
والآن كيف تتخيل أنه يدافع عن نفسه حيال الأعداء؟ حسنا أول ما يحاول القيام به هو الهرب، وذلك بالسعي إلى الفرار، نذكر هنا أنه من الحيوانات السريعة جدا، فهو يستطيع الابتعاد عن المكان بسرعة كبيرة، وهذه طريقة مناسبة للفرار من أعدائه، ولكن بعض أعدائه سريعون جدا، بلا شك، كما أنه بارع في التسلق يمكن أن ترى المخالب التي في نهاية أصابعه، إنها تساعده على تسلق أعالي الشجر، التي ينجو من أعدائه عندما يبلغ قمتها. كما يتبع أسلوبا آخر وهو القفز في النهر والسباحة هناك، أي أنه سباح ماهر، ولكن، الخوض في الأنهر مسألة خطيرة في أمريكا الوسطى والجنوبية، لأنه بذلك سيوقع نفسه في المشاكل، فهناك حيوانات في الأنهر تحب أن تحصل على سحلية كبيرة كوجبة غداء، ومن بين هذه الحيوانات نجد الإناكاندا، وهي من أكبر وأضخم الثعابين في العالم، يمكن أن يبلغ طولها حوالي ثلاثين قدم، ليصل وزنها إلى ثلاثمائة رطل، أي أنها حية هائلة، تمضي غالبية وقتها في الماء لأن الماء تساعد على التخفيف من الوزن، وإذا رأت سحلية كهذا التيغو في الماء، ستستمتع بالتهامه جدا، لأن الإناكاندا تحب التهام السحالي مثل التيغو. الحيوان الآخر الذي يستمتع بأكله هو التمساح الراشد، الذي يسكن في أمريكا الجنوبية، تذكر بأن هذه السحلية تأكل صغاره وتأكل بيضه، ولكن التمساح يأكله، أي أنه سحب مطاردته في الماء ليلتهمه كاملا.
هناك حيوان آخر يمكن أن يلتهمه في الماء وهو يسمى البورانا، وهي نوع من الأسماك التي تأكل كل أنواع الحيوانات التي تجدها في الماء، وهي تعيش معا كرفوف كاملة قلما تفترق، عندما تمسك أحدها بالتيغو تتدافع جميعها لأكله بسرعة هائلة. حتى أنه إذا سقطت بقرة في النهر يوما وعلقت وسط رف من البورانا يمكن أن يلتهمونها كاملة خلال أقل من ربع ساعة، فكم تعتقد أنها تستغرق في التهام هذا التيغو؟ حوالي خمسة عشر ثانية، لا أكثر، يمكن أن تراه الآن يسبح وبعد ثوان لا ترى منه إلى الهيكل العظمي، حتى أنه قد لا يتنبه إلى ما حدث له، أي أنه من الخطورة أن يقفز في النهر ويحاول الهرب، وقد لا تكون هذه أفضل فكرة.
ولكن إذا عجز عن العدو وعجز عن تسلق الأشجار ولم تتسنى له السباحة في النهر هربا من عدوه، أتعرف ما قد يفعله حينها؟ يلجأ للقتال، وهو معروف بالقسوة والعناد، ترى بأن ذيله طويل جدا يستخدمه كالسوط، يجلد فيه عدوه فيقتله أو يؤذيه أو يوقعه أرضا، لأنه سلاح خطير جدا، كما نعلم بأن لديه مخالب طويلة وحادة يستخدمها في التسلق، كما يمكن أن يستعملها لخدش عدوه وجرحه ومقاتلته، أي أن مخالبه خطيرة جدا، علما أن سلاحه الأشد خطورة، هما فكيه، حتى هذه السحلية الصغيرة بعد تتمتع بفم كبير، وهي عندما تكبر يصبح فمها ضخما، ويصبح الفكان قويان جدا، يمكن أن يحطما العظام حين يقفلان، والحقيقة أنه حين يمسك بحيوان ليأكله، عادة ما يعضه من رأسه فيحطم جمجمته، أي أن فكيه قويان جدا حين يحطم بهما الجمجمة، ما يعني أن التيغو يدافع عن نفسه ببراعة.
لنفترض أنك ذهبت يوما إلى أمريكا الوسطى أو الجنوبية أو إذا سكنت هناك، والتقيت صدفة بالتيغو، دعه يفر، إياك أن تصر على الإمساك به، لأنه قد يجرحك بأظافره ويضربك بذيله ويعضك بفكيه. وهو لا يتمتع بأنياب أو سم أي أنه لن يؤدي إلى قتلك بهذه الأشياء، ولكن مخالبه وذيله وفكيه ستصيبك بجروح تتمنى بعدها الموت من شدة الألم، لهذا يجب أن تتركه وشأنه.
=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على حية غريبة الشكل جدا، ذات رقعة الأنف، قد يعتقد البعض أنه اسم غريب وأنا أؤكد على ذلك بلا شك، ولكن إذا تأملت بملامحها يمكن أن تفهم السبب في ذلك، إذ يبدو وكأن هناك رقعة كبيرة تلتصق عند نهاية أنفه، وهي ليست ثقبا، بل رقعة ظاهرة بوضوح تام تكبر أنفه بكثير، لهذا فهي رقعة غريبة وفي موقع غريب وسط ملامح وجهه. كما يمكن أن تلاحظ بأن وجهه يبدو قصير نسبيا، وكأنها صورة له بعد أن قطع مليون ميل في الساعة، واصطدم بجدار قلص حجم وجهه، هذا ما يبدو عليه ولكن هذا لم يحدث طبعا، كل ما في الأمر أن ملامحه قصيرة هكذا وهناك رقعة فوق أنفه.
يعيش هذا الثعبان في ولايات تمتد بين كليفورنيا وتكساس، كما ينتشر أيضا في أرجاء مكسيكو، لا شك أنه ذو الأنف من الثعابين النحيلة وليس الكبيرة والسمينة، كما أنها ليست طويلة أيضا، فقد لا يتعدى طولها أكثر من ثلاثة أقدام، حتى أن الكبيرة منها لا يمكن أن تصل إلى أربعة أقدام، أي أنها ليست من الثعابين الكبيرة.
بقعة الأنف من الثعابين النهارية التي تتحرك في النهار فقط، أما البقعة التي فوق أنفها فتوحي بأنها بارعة جدا في الحفر، فهي تحفر الكثير من الجحور تحت الأرض. أثناء قيامها بأعمال الحفر تحت الأرض، تعثر على الحيوانات التي تصبح غذاء لها، وهي حيوانات صغيرة مثل الفئران والسحالي والأفاعي وبيض الأفاعي، وأشياء أخرى مشابه. قد يتساءل البعض هنا كيف لهذه الثعابين أن تأكل؟ حسنا نعلم أنها ليست من الثعابين السامة أي أنها لا تحتاج إلى الأنياب والسم لقتل الفريسة كي تأكلها، كما أنها ليست من الثعابين العاصرة، فلا تلف جسمها حول حيوان وتعصره حتى يعجز عن التنفس، فكيف لها أن تنال من الحيوان لتأكله إذا؟ إنها لا تفعل ذلك، عندما تقبض على حيوان وتريده أن يكون وجبة لها، تمسكه بفمها وتبتلعه حيا.
قد تعلم بأنه لا يوجد الكثير من الحيوانات الراغبة بأن تبتلع وهي حية. أي أنه لا بد من العراك، وإذا كان الحيوان أكبر بقليل من هذا الثعبان، عليه أن يتمتع بقوة وصلابة لاحتمال العراك، فإذا تحدثنها عن فأر أو سحلية، عليها أن تقاتل بعنف كي تتمكن من ابتلاعها وهي حية، وهكذا فهي تمسك الحيوان بفمها، وتقبض عليه جيدا، وتترك هذا الحيوان يقاتل ويبذل جهدا للتخلص منها، كما أنه يلقي بجسمه فوق جسم الفريسة، دون أن يعصرها، ما يثقل كاهلها ويضعف قدرتها على المقاومة ما يؤدي إلى استسلامها بسرعة أكبر، وعندما يضعف الحيوان ويستسلم، تقوم الأفعى بابتلاعه حيا. أي أن ذو بقعة الأنف يحصل على فريسته بطريقة مختلفة عن الكثير من الثعابين الأخرى.
يسكن هذا الثعبان في ظروف متنوعة جدا، إذ يمكن العثور عليه في مناطق صخرية ورملية وصحراوية، كما يمكن أن تجده في سهول الأعشاب، وحتى عند السفوح أو في قمم الجبال أيضا، والحقيقة أنه ينتشر أيضا في الجبال وعلى ارتفاع أربعة آلاف قدم، وهي قمم شاهقة. أي أنه يسكن في مناطق متنوعة جدا. الأماكن الوحيدة التي لن تعثر عليه فيها هي تلك التي تكثر فيها المياه، لا يمكن أن تجده في المستنقعات والبحيرات وما شابه ذلك أبدا، بل تعثر عليها في الجحور الجافة والمتعفنة.
ما الذي يفعله هذا الثعبان إذا تعرض لهجوم معادي؟ يجب أن نذكر أولا بأن العثور عليه ليس أمرا سهلا على اعتبار أنه يمضي الوقت في حفر الثقوب والجحور، إذا أنه لا يوجد هناك الكثير من الحيوانات التي تستطيع أن تأكله هناك. ولكن إذا اعترضه حيوان ما عادة ما يلجأ إلى الفرار، وهو ثعبان سريع جدا، حتى يقال أنه أسرع من المتسابق، ربما سمعت بالثعبان المتسابق الأسود أو الأزرق، ولا شك أن اسمه يوحي بأنه ثعبان سريع الحركة، وهذا هو حال ذو رقعة الأنف. والحقيقة أنه ليس سريعا في العدو باتجاه واحد، لنفترض أنك تركض بخط مواز له على خط مستقيم لا بد أنك ستسبقه بمسافة طويلة، ولكن من عادة هذا الثعبان أن يناور كثيرا وينعطف من زاوية إلى أخرى ومن الميمنة إلى الميسرة وهو يفعل ذلك بأسرع ما يمكن، حين يفعل ذلك، لا يمكن أن تنال منه، وإذا حاولت القبض عليه، وتمكنت من وضع يدك فوقه، سيميل وينعطف وينحرف جيئة وذهاب، لتقع أنت في الحفر وتصطدم بالصخور، لن تجد سبيلا للإمساك به أبدا.
ينطبق هذا على غالبية الحيوانات، التي لا تجد فرصة للنيل منه عندما تحاول القبض عليه، ما أن ينعطف يسارا حتى يتبعه الحيوان فيعود\ إلى اليمين. أي أنها ليست مسألة سرعة فحسب بل ترافق السرعة مع الخفة، ما يساعده على الانحراف بكفاءة عالية. أي أنه عادة ما يفلت من أ‘دائه بالاعتماد على سرعته وخفته ولكن أحيانا ما يحشر في زاوية لا يستطيع الهرب منها، حين يحصل ذلك، ماذا يفعل برأيك؟ طبعا يقاتل، فهو ثعبان لا يعرف الاستسلام، فإذا تعرض لعدوان سيقاتل وينفث بوجه عدوه ويحرك ذيله ويذبذب ويلسع عده ويفعل كل ما بوسعه لإخافة عدوه، فيلسع مرة بعد أخرى، لا شك أنه صغير الحجم وأن فمه ليس كبيرا كما هو حال أسنانه ما يعني أنه لن يسبب الأذى بعدوه طبعا، ولكنه يلجأ لعمل آخر عندما يمسك به العدو، لنفترض أنه أمسكه بفمه، أو أن شخصا أمسكه من الوسط كما أفعل الآن هنا عادة ما يلجأ إلى حركة لولبية كالمروحة، وما يفعله بذلك وهو بذلك يحاول أن يخلص نفسه من يدك أو من فم الحيوان الذي يقبض به، وإذا تمكن من الإفلات في تلك اللحظة يسقط على الأرض ويختفي عن الأعين. أعتقد أن أحدا سيتمكن من القبض على هذا الثعبان إذا سقط من يده.
أي أن لهذا الحيوان طرق غريبة جدا للتخلص من أعدائه، يشمل ذلك المناورة والخفة والسرعة في الحركة ما يجعل من الصعب جدا الإمساك به، وبالتالي القبض عليه أيضا.
0 التعليقات :
إرسال تعليق